vendredi 16 décembre 2011

الإخوان في الجزائر...المثال السيئ لجماعة "الإخوان المسلمون" في العالم.


        منذ أن أنشئ التنظيم في مصر في ثلاثينيات القرن الماضي، لعب الإخوان أدوارا اجتماعية وتربوية شتى في العالم الإسلامي وبرزت صورة الإسلام السياسي بشكلها الحديث عبر هذا التنظيم الذي انظمّ إليه منذ البداية عدد كبير من رجال الفكر من أدباء وشعراء ، كما التحق بركبه عدد من الفنانين من روافد الفن المختلفة.
       وكان لنشاطه الاجتماعي والخيري دور في استقطاب العديد من الطبقات في المجتمع المتعدّدة الانتماء والمنابع، ليصل الأمر بغير المسلمين إلى احترام سياسة هذا التنظيم وآلية تعامله مع المواطن، عبر قربه منه في توفير ما عجزت عن توفيره الحكومات التي استشرى فيها الفساد واتسعت بين أركانها المهترئة المحسوبية بسبب عوامل كثيرة على رأسها غياب الحكم الرشيد وانتقال الحكم من المجتمع إلى العائلة. فكان من نتائج سياسات هذه الدول التضييق على الإخوان، ومطاردة روادهم والوقوف أمام تغلغلهم في النسيج "الاجتماعي" بسبب ترسيخهم لمبدأ التغيير المنطلق من الفكر الإسلامي الداعي إلى محاربة الفساد والدعوة إلى التوزيع العادل لكل مداخيل البلد على كل مواطن فيها. ومع هذا الاضطهاد وهذا التضييق انطلقت أفكار الإخوان الذي أسس بنيتها القاعدية حسن البنا من مصر، نحو كل الأقطار العربية.
       ومنذ أواخر السبعينات أصبح في كل بلد عربي جناح من الإخوان يتبنى نظرة حسن البنا والقائمة بشكل رئيسي على أساس إحياء الدين في ثوب حديث ولغة معاصرة و الجزائر باعتبارها من البلدان الكبيرة عبر تاريخ طويل ونضال شاق في سيبل الإنعتاق من ضروب الهيمنة، لم تشذ عن قاعدة زحف الأفكار النيّرة هذه وكان للتيار الاخواني نصيب من قلوب الجزائريين... وانطلق التنظيم في الجزائر عبر البوابة التربوية ليتّسع وينتشر شاملا فئات عدة من المجتمع، أهمها الطبقة الوسطى المتكونة من المدرسين والطلبة والعديد من العمال. ومع موجة التغيير التي عرفتها الجزائر –والتي لم تكتمل للأسف- برز تنظيم الإخوان في الجزائر كتشكيل سياسي، وكانت له بعد التيار السلفي –الذي مثله حزب"ج.إ.إ" الجبهة الإسلامية للإنقاذ- مكانة سياسية كبيرة.
                                   

الانقلاب على الفيس في الجزائر واستغلال "حمس" للوضع:
        بعد نجاح الـ"ج.إ.إ" واكتساحه للبرلمان الجزائري، وتصويت أغلب الجزائريين لصالح الحزب الإسلامي، انقلب الجيش بقيادة خالد نزار على إرادة الجزائريين وعرفت الجزائر خلال عشرية سوداء –كما هو معروف- منعطفا دمويا، جاءت على أنقاضه سياسات جديدة وتنظيمات انتهازية استغلت الوضع ونهم العسكر للسلطة، ووجدت لنفسها مكانا تحت قباب فاقدة للشرعية في البرلمان والحكومة وباقي القباب. وجاء تحالف حزبي مشكل من ثلاث تيارات لا تتفق إلا في استغلالها لثروات البلاد. وعلى رأس هذا التحالف حزب "حمس" الذي تآلف مع السلطة برغم حالات الفساد التي تعرفها دواليب الدولة (انظر: هل تؤيد ترشيح عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رابعة ؟).
        وبعد انتفاضة الشارع العربي، فيما بات يعرف بالربيع العربي، وصل الإسلاميون – بفضل الديمقراطية التي أعاد الشعب شرعيتها- إلى قمة الهرم في كل من تونس وليبيا ومصر ثم في المغرب، فاستغل الحزب "الاخواني" في الجزائر المكانة الروحية القوية للأحزاب التي فازت في انتخابات البلدان السالفة الذكر ونسب لنفسه مرجعيته الدينية، وأعلن بعد فوز حركة النهضة في تونس والإخوان في مصر بأنه سيترك التحالف الـ "بلخادمي وأويحيوي" وسيفكر في الترشيح بمفرده في الانتخابات القادة، متناسيا هذه المرجعية حينما ترك لطبقة من العسكر الحرية في تحديد المسار السياسي للجزائر –بعد خلو الساحة السياسية من الممثل الحقيقي للشعب- ومستغفلا الشعب مرة أخرى (باسم الدين هذه المرة)، وبرز نوع من البرغماتية الغبية، التي لا يقوم بها تلميذ مبتدأ في السياسة: فهل يعقل أن تنضم إلى تحالف قلت عنه أنه الممثل الحقيقي للشعب، ثم تتبرأ منه بعكس الحجة؟
        ولكن هناك سؤال آخر، الوضع الراهن يدعونا لطرحه: هل سينسى الشعب من تحالف عليه، وأعان "الوصوليين والانتهازيين" على نهب خيراته؟ وما يدعونا إلى طرح هذا السؤال هو الكم الهائل من الفساد الذي ساد البلاد خلال فترة التحالف السياسي الذي ساهم إخوان الجزائر في استفحاله، ولتعميق الفكرة نورد العديد من الشواهد والدلائل على ذلك:
-   نبدأ أولا بقضية الخليفة والتي جرت في عهد هذا التحالف دون أن نرى تدخلا من حزب يقال عنه أنه ممثل لطبقات الشعب المتدينة والوطنية.
-   نتوقف عند قضية سرقة أموال (تعدّ بالملايير من الدينارات) من صندوق الضمان الاجتماعي التي اشرف عليه وزير من التيار الذي نتحدّث عنه (والكارثة أن المعني هو ممثل الحزب).
-   استمرار التحقيق (بالرغم من عدم جدية مثل هذه التحقيقات) في قضية سرقة القرن –وهي مشروع الطريق السيار شرق/غرب الذي يشرف عليه أحد وزراء الحزب الاخواني- والتي ذكرت الصحافة الجزائرية الناطقة بالفرنسية أن نسبة التجاوزات كبيرة وكمية الأموال المتلاعب بها أكبر بكثير، ويتعلق الأمر برشى وتضخيم في الفواتير (تُحسب بالدولار وليس بالدينار).
-   وأخيرا موافقة هذا الحزب الإسلامي عبر ممثليه (؟) في البرلمان (الذي يضم أكبر نسبة أميين في تاريخ البرلمانات وذلك بمعدّل 25 ممثلا أمّيا –ولا نعني بالأمي الذي لا يتحكّم في جهاز الإعلام الآلي بل الذي لا يعرف كيف يُكتب الحرف!-) على عدم السماح لأفراد من الفيس المحل بالمشاركة في الترشح للانتخابات، مع العلم أنه من حق أي جزائري –إذا احترمنا نص الدستور- أن يمارس حقه الانتخابي مهما كانت انتماءاته الحزبية...

    غير أن الشعب الجزائري، عبر عزوفه عن تناول السياسة في الوقت الرّاهن يبعث برسائل إلى هؤلاء وأولئك مفادها أن ذاكرة الشعوب لن تنسى، وأن صيرورة التاريخ تحقّقت أمام أعيننا عبر ما رأيناه من تغيرات شعبية في مختلف البلدان المجاورة لنا، وعلينا ألا نكرر الغباء السياسي الذي قاله مبارك: مصر ليست تونس، وبعده القذافي: ليبيا ليست تونس ومصر و...
   إن الجزائر مزيج من كل هذه الشعوب، فقد عرفت الفساد مثل مصر، وعرفت القتل والاضطهاد مثل ليبيا وتلاعبت بها مصالح الأفراد مثل تونس واليمن، والخوف كل الخوف أن تشهد ما شهدت سوريا. ولكن عزاؤنا أن الشرفاء من هذه الأرض لن يُلدغوا من الجحر مرتّين.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire